لقد شد انتباهي القرارالصادر عن مجلس الوزراء بالسماح للشركات والمؤسسات الخاصة بتقديم خدمة الفحص الدوري للمركبات لدعم الحفاظ على سلامة المركبات في الطريق، وكم تمنيت أن تتصدى الجهات المقدمة للخدمات الصحية لمسؤولية رفع قرار لمجلس الوزراء بتبني برامج الفحص الدوري المتكامل لصحة الأفراد في سبيل الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة من السرطانات وغيرها. وحتى لو ادعى البعض أن هناك قرارات سابقة في هذا الصدد إلا أنها لم تفعل بالشكل الذي يطمح إليه المواطن.
وفيما يلي أمثلة لبعض برامج الفحص الصحي الدوري المعمول بها دولياً (فحص الماموجرام -أشعة الثدي- كل سنتين للسيدات فوق 40 عام، إجراء مسحة عنق الرحم من سنة إلى 3 سنوات للسيدات ما فوق 21 سنة، فحص مستوى الكولستيرول ما بعد سن 45 لغير المدخنين وغير المصابين بالسكري، قياس مستوى السكر وضغط الدم، فحص سرطان القولون، فحص هشاشة العظام ).
إن برامج الفحص الصحي الدوري المذكورة معروفة لدى غالبية العاملين في القطاع الصحي وخصوصاً لدى أطباء الأسرة، ولكن تتفاوت تلك البرامج في تنفيذها حسب الإمكانات. فنجد بعض المستشفيات تلتزم بإجراء الفحص الدوري الصحي للعاملين بها من خلال عيادات الموظفين، وقد لا يلتزم الكثيرالآخربها. أما على مستوى المجتمع قد نجد أن هناك جُملة لا بأس بها من المعوقات لتنفيذ تلك البرامج لا مجال للحديث عنها الآن.
لقد اطلعنا مؤخراً على التجربة التاريخية لجامعة جونزهوبكنز في مجال سرطان الثدي منذ أكثر من 100 عام، وذلك من خلال ندوة علمية أقيمت من قبل كرسي الشيخ محمد حسين العمودي لسرطان الثدي بجدة. حيث لم يتوفر حينها بالولايات المتحدة الأمريكية توصيات فحص الماموجرام الدوري، وكان مصير السيدات هو في الغالب إجراء عمليات استئصال كامل الثدي نتيجة لعدم توفر خدمة الكشف المبكر لسرطان الثدي في ذلك الوقت.
وتساءلت هل مصير المواطنة السعودية التي لم تستطع الحصول على خدمة فحص الماموجرام الدوري هو كمصير السيدة في جونزهوبكنز منذ 100 عام....؟! الإجابة هي في الغالب نعم. وهمست في أذن زميلتي كيف سنتدارك ما فاتنا من الزمن؟
ومن هنا تنطلق الحاجة والضرورة لتنفيذ برامج الفحص المبكر. ومثال برنامج الوقاية من سرطان الثدي هو إحدى الأمثلة على وجه الخصوص ويمكن تعميم الفكرة ذاتهاعلى برامج الفحص الدوري للأمراض الأخرى. وعليه أقترح العمل مع المؤسسات الخاصة والإستفادة منها ( أعني؛ المستشفيات الخاصة، مراكز الأشعة والمختبرات الخاصة) وبدعم وتنسيق ومراقبة من قبل مراكز طب الأسرة والمستشفيات الحكومية كي تتم إدارة مثل تلك البرامج من خلالها، كونها جهات خدمة طبية حكومية.
في اعتقادي أنه إذا ما تم تفعيل تلك الخدمات وبشراكة من القطاع الخاص فإنه سوف يتحقق مايلي؛ أولا: تخفيف العبئ والتكلفة عن المستشفيات والنظام الصحي بأكمله ثانياً: التشخيص المبكر لسكان المدن و القرى والأماكن النائية والسكان البعيدين عن الخدمات الطبية. ثالثاً: تحسين مخرجات الرعاية الطبية وجودة الحياة لمرضى السرطان والأمراض المزمنة.
وقانا الله وإياكم شر الأمراض وأدام الله علينا وعليكم العافية.